[center]من هدي القرآن الكري
ذكرى استشهاد الإمام علي (ع)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي بتاريخ: 19/رمضان 1423ه اليمن - صعدة هذه الدروس نقلت من تسجيل لها في أشرطة كاسيت، وقد ألقيت ممزوجة بمفردات وأساليب من اللهجة المحلية العامية. وحرصاً منا على سهولة الاستفادة منها أخرجناها مكتوبة على هذا النحو. والله الموفق. بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وصلى
الله وسلم على سيدنا محمد ،وصلى الله وسلم على أمير المؤمنين وسيد الوصيين
،خليفة رسول رب العالمين ،الإمام علي بن أبي طالب ،وعلى أهل بيت رسول
الله، ورضي الله عن شيعتهم الأخيار في كل زمان ومكان.
السلام عليكم أيها الأخوة ورحمة الله وبركاته
نسأل
الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم مشاركتكم بهذا الحضور الكبير لنحيي ذكرى
حزينة ،لنتحدث عن مأساة ،مأساة للدين ،مأساة للأمة ،إنها فعلاً لذكرى
حزينة ،وكيف لا نحزن والرسول قد قال في حديثٍ أن ذلك الذي يقتل الإمام علي
ابن أبي طالب صلوات الله عليه هو أشقى الأمة ،جلب الشقاء على هذه الأمة من
ذلك الزمان إلى اليوم.
الإمام
علي عليه السلام بفضله بمقامه ،بسبقه ،بكماله ،بعنائه الكبير ،وجهاده
المستمر المرير في سبيل إعلاء كلمة الله ،تحت راية رسول الله .
كيف
لا تكون ذكرى حزينة أن نرى ذلك البطل ،ذلك العظيم ،ذلك العَلَم يسقط
شهيداً ،هل كان سقوطه ذلك في مواجهة أعداء الإسلام فكان السيف الذي قُتِل
به من خارج هذه الأمة؟. إنه وللأسف الشديد ،والذي يدل على الشقاء الذي وقعت
فيه هذه الأمة أن الإمام علي صلوات الله عليه يسقط شهيداً في عاصمة دولته
،في باب محرابه ،في فِنَاءِ مسجده ،وسط هذه الأمة ،وبسيفٍ محسوب على هذه
الأمة ،وبمؤامرات من أصبح فيما بعد خليفة يحكم هذه الأمة ،والكل تحت عنوان
(إسلام ومسلمين).
إن
هذا يدل على ماذا؟. يدل على انحراف عن الخط السوي ،عن الصراط المستقيم
؛لأن من المعلوم أن دعوة الرسول ،أن رسالته ،أن تربيته ،أن منهجيته كانت
بالشكل الذي تخلق ساحة للعظماء ،تخلق أمناً للعظماء ،تخلق التفافاً تحت
رايات العظماء لا أن يصير الحال أن نرى أولئك العظماء يتساقطون واحداً
تِلوَ الآخر داخل هذه الساحة ،فالإمام علي عليه السلام يسقط شهيداً
،والإمام الحسن عليه السلام يسقط بعده شهيداً ،والإمام الحسين عليه السلام
يسقط بعده شهيداً ،والإمام زيد عليه السلام يسقط بعده شهيداً وهكذا واحداً
تِلوَ الآخر، ما الذي حصل؟. إن لم يكن في هذا ما يدل على أنه وقع انحراف
خطير فلا أدري ما هو الشيء الذي يمكن أن يدل بعد هذا.
الذي
يتأمل كتاب الله يجده يأمر الأمة يأمر المسلمين أن يكونوا مع الصادقين
،فلماذا أصبح الصادقون يتساقطون واحداً تلو الآخر؟!. ولماذا أصبحت تلك
الأمة التي خُوطِبَت بأن تكون مع الصادقين تعتدي على هؤلاء ،وفي نفس الوقت
التفوا مع الكاذبين ،يسقط الإمام علي عليه السلام شهيداً وتلتف الأمة بعده
–رغبة ورهبة- تحت راية معاوية وفي صف معاوية.
هل
كان ذلك وليد تلك اللحظة ،وليد ذلك الشهر الذي سقط فيه الإمام علي عليه
السلام شهيداً؟. لا. إنه الانحراف الذي بدأ في يوم السَّقِيفَة ،والذي يرى
البعض بل ربما الكثير يرون في تلك البداية وكأنها بداية لا تشكل أية خطورة
،لكن شاعراً كـ(الهَبَل) مرهف الحِس ،عالي الوَعي، راسخ الإيمان ،يمتلك
قدرة على استقراء الأحداث وتسلسل تبعاتها يقول في كلمة صريحة في بيت صريح :
وكل مُصابٍ نَالَ آل محمدٍ فليس سوى يوم السَّقِيفَة جَالبُه
عندما
نرى الإمام علي عليه السلام يسقط شهيداً فلا يكفي أن نحزن ،لا يكفي أن
نبكي ،لا يكفي أن نتألم بل لا بد أن نأخذ العبرة ،أن نتساءل: لماذا نرى
الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة؟؟. ولماذا رأينا فيما بعد وعلى
امتداد التاريخ الكاذبين الظالمين الطغاة المحرفين للدين ،المنتهكين لحرمات
الله هم من يحكمون هذه الأمة؟؟!. وباسم رسالة هذه الأمة (الإسلام) ،وباسم
رسول هذه الأمة (خليفة رسول رب العالمين، أمير المؤمنين) وعناوين من هذه؟.
سنظل
نحزن نحن وغيرنا ،ونظل نبكي نحن وغيرنا ما لم تكن نظرتنا للأحداث على هذا
النحو ،وسنظل نشاهد الأحداث المريرة ،ونتألم لحادث بعينه للفترة التي هو
فيها ،دون أن نأخذ العبر دون أن نأخذ الدروس، إن هذا يعتبر خللاً كبيراً لا
يمكن للأمة أن تعرف كيف ترسم طريقها ،لا يمكن للأمة أن تعرف كيف تسلك
المنهج الذي تمثل بسلوكه الالتفاف مع الصادقين ،الانضواء تحت رايات أعلام
الدين ،لا بد من استقراء الأحداث، لا بد من معرفة الأسباب ،لابد من معرفة
الخلفيات.
وهذه
قضية ليست جديدة ،نحن عندما نربط سقوط الإمام علي عليه السلام شهيداً
بحادثة السقيفة على الرغم من قربها فليست قضية مستبعدة فنحن نسمع اليوم من
يقولون عن اليهود: إن الذي جعل اليهود على هذا النحو يتعاملون مع هذه الأمة
بهذه القسوة هو ثقافتهم ،هو تأثراً بثقافتهم تلك الثقافة التي عمرها قرون
طويلة قد لا تقل عن ثلاثة آلاف سنة ،فعندما تسمع محللين من هذا النوع
يقولون لك :إن تلك الثقافة قبل قرون من الزمن هي التي جعلت اليهود على هذا
النحو في نظرتهم للبشرية ،في تعاملهم مع الأمم ،في انزواءهم على أنفسهم
بأرواح شريرة ،بقسوة بالغة ،بنظرة ملؤها الحقد والكراهية للبشرية وبالذات
للمسلمين إنما ذلك نتيجة انحراف حدث قبل قرون؛ لأن ما هم عليه الآن ليس
امتداداً لشريعة موسى عليه السلام في أصلها في جوهرها في حقيقتها ،ولا
تطبيقاً لشريعة عيسى عليه السلام بالنسبة للمسيحيين في أصلها وجوهرها
وحقيقتها وما تدعو إليه ،لا يمكن لدين من أديان الله سبحانه وتعالى أن يكون
أثره في أمة من الأمم على هذا النحو الذي نرى عليه اليهود اليوم ،على هذا
النحو الذي نرى عليه النصارى اليوم .
إذاً
فالكل متفقون ،بل لقد سمعنا بعض المحللين من قساوسة المسيحيين يقول: (إنما
جعل المسيحيين على هذا النحو هو تأثر بثقافة يهودية اخترقت صفوف
المسيحيين). فقال: (لدينا مسيحيين يهود، وأنتم عندكم مسلمين يهود لكنكم لا
تجرءون على أن تقولون هذا، فكما لدينا مسيحيين يهود أنتم لديكم أيضاً
مسلمين يهود) ؛لأن اليهود عملوا في الخطين داخل المسيحيين من قبل وداخل هذه
الأمة وما زالوا يعملون على هذا النحو إلى اليوم.
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام بهذه
الطريقة وبهذا الأسلوب نحن نجيب على تساؤل أو نطرح تساؤل :لماذا استشهد
الإمام علي عليه السلام؟؟. لماذا قُتل الإمام علي عليه السلام وعلى هذا
النحو: في المسجد ،في شهر رمضان، في ليلة القَدْر ،بسيف محسوب على المسلمين
،رجل محسوب على هذه الأمة ،وبمؤامرة شخص حكم فيما بعد هذه الأمة؟!!. إنه
الإنحراف السابق ،الإنحراف الذي أدى إلى ماذا؟. على الرغم من تأكيدات
الرسول لأولئك الذين كانوا على يقين من صدقه ،كانوا على يقين من نبوته،
كانوا على يقين من حرصه على المؤمنين، كانوا على يقين من حرصه على هداية
هذه الأمة ،وأن لا ترتد هذه الأمة ،وأن لا يسيطر الضلال على هذه الأمة
،ولقد قال لهم : ((علي مع القرآن ، والقرآن مع علي)). وقال لهم أيضاً وقال
للناس جميعاً من بعدهم ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي
أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا
حتى يَرِدَا عليّ الحوض)) والإمام علي عليه السلام هو رأس أهل البيت عليهم
السلام.
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام هكذا
قال لهم الرسول ،لنأتِ إلى حديث واحد هو قوله : ((علي مع القرآن ،والقرآن
مع علي)) حتى يتجلى لنا أن تلك الانزلاقة التي يراها البعض أنها لم تشكل
خطورة على الإسلام والمسلمين أنها في واقعها كانت على هذا النحو ، نحن
متأكدون والمسلمون جميعاً يعرفون أن الإمام علي عليه السلام أُقْصِيَ
،أُزِيْحَ ،أُبْعِدَ عن المقام الذي اختصه به الرسول وحل محله أبو بكر ،ثم
عمر ،ثم عثمان فعندما نرى الرسول يقول: ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي))
فعندما يُقْصَى الإمام علي عليه السلام على جنب فبالتأكيد أن القرآن
أُقصِيَ معه أيضاً ؛لأنه قرين القرآن لا يمكن أن تتصور أن أحداً من الناس
بإمكانه أن يُقصيَ الإمام علي عليه السلام جانباً ويبقى القرآن يعمل ,ويبقى
القرآن حياً ،ويبقى هو مطبقاً للقرآن ،ويبقى هو على منهجية القرآن لا يمكن
ذلك، لو قلنا بذلك لكنا مكذبين بهذه المقارنة المؤكدة الصريحة التي قالها
الرسول في هذا الحديث المتواتر المعروف عند الجميع ((علي مع القرآن،
والقرآن مع علي)).
وعندما
يُقصى الإمام علي عليه السلام ففي الواقع أُقصيَ القرآن معه على جنب ،أليس
هذا انحراف خطير؟. لهذا كان طبيعياً بعد ذلك الانحراف أن نرى العظماء
،أعلام الدين ،الصادقين يسقطون واحداً تلو الآخر داخل هذه الأمة ،ونرى
الكاذبين المنحرفين هم من يَلُوا أمر هذه الأمة ،هم من يتحكموا في شئون هذه
الأمة ،هم فيما بعد تحكموا في هذا الدين فقدموه بشكل آخر ،يصبح هذا
طبيعياً، أن ترى معاوية يحكم البلاد الإسلامية ،بعد أن رأيت أمير المؤمنين
قرين القرآن سقط شهيداً في محرابه ؛لأنه لولا أبو بكر لما كان عمر، لولا
عمر لما كان عثمان ،لولا عثمان لما كان معاوية ،هذا شيء مؤكد لا شك فيه.
ماذا
يفيدنا هذا؟. بالنسبة لنا سنرجع إلى نفس الحديث ((علي مع القرآن، والقرآن
مع علي)) وسنظل مع الإمام علي عليه السلام أينما كان ،نظل مع منهجية الإمام
علي عليه السلام أينما كان حتى وإن كان قد أُقصيَ ،نحن لا نلتفت إلى
الكراسي ،إلى العروش ،إلى القصور،فمن وجدناه في سُدَّة الحكم قلنا ذلك أمير
المؤمنين ،من وجدناه في قصر الخلافة قلنا ذلك خليفة رسول رب العالمين.لا.
أمير المؤمنين ،خليفة رسول رب العالمين ،قرين القرآن هو ذلك الرجل الإمام
علي عليه السلام يوم أُقصِي ويوم عاش سنيناً طويلة يعيش مرارة الألم وهو
يرى هذه الأمة يبدأ الانحراف يَلتَهِم قِيَمها ،ويحطم عظمة مبادئها ،ثم في
الأخير يسقط شهيداً في محراب عبادته.
لنقل
لأنفسنا مهما طَبّل الآخرون فقالوا عن أولئك : (الصّديق ،الفاروق ،ذي
النورين ،كاتب الوحي) عناوين من هذه ،ألقاب ضخمة من هذه لا نغتر بها أبداً
؛لأن كل هؤلاء (صديقهم ،فاروقهم، أنوارهم وكاتب الوحي) -كما يقولون- نحن
جميعاً لا نشك أنهم أقصوا الإمام علي عليه السلام ،وأنهم سمعوا جميعاً أن
الرسول قال: ((علي مع القرآن ،والقرآن مع علي)) وقال : ((علي مع الحق
،والحق مع علي)) وقال ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي)) وقال ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه)) وقال ((لا يحبك إلا مؤمن ولا
يبغضك إلا منافق)) أحاديث كثيرة من هذا القبيل سمعوها وعلموها وسمعناها نحن
من بعدهم ،وسمعها أيضاً أشياعهم من بعدهم أولئك الذين قدموهم من بعد باسم
(السلف الصالح) أطلقوا على أولئك هذا اللقب الكبير (السلف الصالح) وقالوا
(نتمسك بسيرة السلف الصالح) (نتمسك بمنهجية السلف الصالح). لقد رسم الرسول
القدوة لنا، والعَلَم لنا ،والسلف الصالح لنا في هذه الأحاديث التي يعرفها
علماء المسلمين ،يعرفها المحدثون، يعرفها الكثير من المثقفين ،ولربما
يسمعها الكثير من عامة الناس في كل زمان ومكان.
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام إذاً
سنرجع إلى الإمام علي عليه السلام باعتباره قرين القرآن ،ولا يمكن بحال أن
نتأثر بتلك الضجة الإعلامية وبذلك الإرهاب الثقافي الذي يفرضه الآخرون
؛لأننا نجدهم هم ونجد أنفسنا أيضاً لو استجبنا لهم سنصطدم بمثل هذه
الأحاديث ،سنصطدم بالقرآن ،سنصطدم بالرسول ،نصطدم بالواقع أيضاً.
فعندما
نرى الإمام علي صلوات الله عليه نرى فيه المنهجية التي سار عليها الرسول
،نرى فيه القرآن الناطق كما قال هو عن نفسه. إذاً فلنستنطق الإمام علي عليه
السلام فيما يتعلق بقضايانا ،الأحداث التي مر بها الإمام علي عليه السلام
،المواقف التي سار عليها الإمام علي عليه السلام ، التوجيهات التي أطلقها
الإمام علي عليه السلام فيما يتعلق بتصحيح عقائدنا، فيما يتعلق بترسيخ
إيماننا ،ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية التي جاء بها كتابنا ورسولنا .
ففي
موضوع الشهادة مثلاً لقد كان الإمام علي عليه السلام على علم عن رسول الله
يوم أن أخبره بأن لحيته سَتُخْضَب من دم رأسه ،هذا الخبر لو يأتي لشخص منا
ربما قد يكون مزعجاً ،لو يأتي هذا الخبر لشخص منا قد ينظر إلى ما حوله إلى
أسرته إلى أولاده إلى ممتلكاته إلى مظاهر الحياة من حوله فيبدوا متأسفاً
ويودع نفسه حيناً بعد حين وينتظر متى يخضب دم رأسه لحيته ،لكن الإمام علي
عليه السلام كان يهمه شيء واحد، كيف أجاب على الرسول ؟. قال: (يا رسول الله
أفي سلامة من ديني؟. قال: نعم. قال: إذاً لا أبالي).
الإمام
علي عليه السلام عندما يقول هذه العبارة يعطينا إشارة مهمة جداً ، وكأنه
يلحظ من خلال ما يسمع من رسول الله أنه سيحصل ضلال ،سيحصل انحراف ،ستحصل
فتن ،يهم أي إنسان حريص على سلامة نفسه أن يبحث عن سلامة دينه وأن يحرص على
سلامة دينه، لو كانت الأمور عند الإمام علي عليه السلام وفي رؤيته -عندما
قال لـه الرسول هذا الكلام- أن هذه الرسالة ستمشي بشكل طبيعي ،وسيكون الناس
كلهم يسيرون بشكل صحيح جيلاً بعد جيل لما سأل الرسول (أفي سلامة من ديني؟)
،ناهيك عما إذا كان قد قال لـه أن الذي سيقتله هو أشقى هذه الأمة ،أي هو
من هذه الأمة ،وهو من يجلب الشقاء على هذه الأمة ،وشبهه بعاقر ناقة ثمود
الذي جلب الشقاء على تلك الأمة فجعلها تستحق عذاباً شديداً من الله ،استأصل
تلك الأمة بأكملها.
(أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟) ما أحوجنا إلى هذه المشاعر.
تجد
الإمام علي عليه السلام قد تأكد أيضاً بأنه فعلاً كان قريناً للقرآن وما
يزال قريناً للقرآن ؛لأن هذا هو منطق القرآن نفسه }يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون{ أليس هذا توجيه يحث كل
واحد منا على أن يكون حريصاً على أن يسلم له دينه؟ ،وأن يكون كل ما يهمه هو
أن يسلم له دينه ،على الرغم من كل ما يواجهه ،على الرغم من أي شيء يمكن أن
يواجهه حتى وإن كان خبراً مؤكداً على نحو ما جاء للإمام علي صلوات الله
عليه (ستخضب هذه من هذا) وأشار إلى لحيته ورأسه؟. ومن خلال هذا نعرف موقعنا
نحن من القرآن ومن قرين القرآن ،عندما نجد الكثير منا ،الغالبية العظمى
منا يضحي بدينه من أجل احتمال أن تسلم لـه دنياه، لاحتمال أن تسلم لـه
قدماه ناهيك عن رأسه ، لاحتمال أن يبـيت ليلة في سجن من السجون ،لاحتمال أن
يضحي بمبلغ من المال في سبيل إعلاء كلمة ربه، أليس كثير من الناس على هذا
النحو؟.
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام كأننا
نقول للقرآن نفسه عندما يقول }يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصاراً لله{ أفي
سلامة من دنيانا يا قرآن الله؟. عندما يقول }ولتكن منكم أمة يدعون إلى
الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر{ نقول: حاضر لكن هل في سلامة من
دنيانا ورؤوسنا وأقدامنا وأيدينا يا كتاب الله؟. إن كل إنسان يتولى الإمام
علي عليه السلام ،إن كل إنسان مصدق برسول الله وبكتاب الله يجب أن تكون
مشاعره على هذا النحو الذي كان يسيطر على مشاعر الإمام علي عليه السلام
عندما قال (أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟. قال: نعم. قال:إذاً لا
أبالي). ولقد كان يقول: (والله لا أبالي أوقعت على الموت أو وقع الموت
عليّ) إن كل ما يهمه هو أن يسلم له دينه ،فلتخضب دماء رأسه لحيته ،وليتقطع
إرباً وليكن ما كان ما دام دينه سالماً لـه.
وهذه
هي الرؤية الصحيحة ،هذه هي السلامة لمن يبحث عن السلامة ،الإنسان لا يمكن
أن يسلم إذا لم يسلم لـه دينه لا في دنياه ولا في آخرته، ما الذي جعلنا
نُظلم؟ ما الذي جعلنا نُقهر ونحن ملايين؟. نمتلك الإمكانيات الكبيرة ،نمتلك
الجيوش ،نمتلك الثروات الضخمة والهائلة في باطن الأرض وظاهرها ،نمتلك رقعة
استراتيجية مهمة؟؟ ؛لأن ديننا لم يسلم لنا فوجدنا أنفسنا لم نسلم من الذل
،لم نسلم من القهر لأننا لم نفكر تفكير قرين القرآن (أفي سلامة من ديني؟)
،وحينها عندما تنطلق لتبحث عن السلامة بنفسك وأنت لا تفكر أن يسلم لك دينك
فلن تسلم لك نفسك ،لن يسلم عِرْضك ،لن تسلم كرامتك ،وفي الأخير لن تسلم أنت
يوم تلقى الله سبحانه وتعالى ،لن تسلم سوء الحساب ،لن تسلم نار جهنم.
إنها
الرؤية الحكيمة وليست رؤية ذلك الذي يفكر في ممتلكاته القليلة ،يفكر في
نفسه هو فيرى نفسه أغلا من الدين بكله ،يرى نفسه أغلا من نفس الرسول ،أغلا
من نفس الإمام علي عليه السلام ،أغلا من نفس الإمام الحسن عليه السلام
،أغلا من نفس الإمام الحسين عليه السلام. متى يمكن أن يكون لإنسان يفكر
هكذا تفكير قيمة عند الله؟ متى يمكن أن يُمنح إنسان على هذا النحو عزة من
الله؟. إنه بهذا التفكير يُعتبر تجسيداً صادقاً لمن يَعْشُ عن ذكر الرحمن
}ومن يَعْشُ عن ذكر الرحمن نُقَيَّض له شيطاناً فهو له قرين{.
كم
هو الفارق بين أن تكون في الاتجاه الذي يمنحك الله فيه العزة ،ويمنحك الله
فيه القوة والتأييد ،يمنحك الله فيه سلامة آخرتك وإن لم تسلم دنياك؟ كم هو
الفارق بين واقع شخص على هذا النحو وبين شخص يُقَيِّض لـه الله شيطاناً
يصبح قريناً لـه }وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون{ وبين واقع
إنسان يُسلط الله عليه شرار عباده ،يسلط الله عليه من يسومه سوء العذاب في
دنياه وفي يوم القيامة سوء الحساب وسوء العذاب في نار جهنم؟ نعوذ بالله من
نار جهنم.
إن
الإمام علي عليه السلام -وإن وجدناه سقط شهيداً ،بل نقول صعد إلى ربه
شهيداً- إنه ما يزال حياً كما أن هذا القرآن الذي قرنه به الرسول حياً
،حياً فيما يعطيه من هدى من نور ،من دروس ، من عظة ،من عبر،حياً فيما يعطيه
الأحرار ،فيما يعطيه المجاهدين ،حياً فيما يعطيه الصادقين من دروس تجعلهم
يذوبون في هذا الدين.
أنت
عندما تنظر إلى نفسك ،أنا عندما أنظر إلى نفسي وأنظر إلى الإمام علي صلوات
الله عليه فأكون حريصاً على سلامة نفسي وإن كان ثمن ذلك أن أُلقي بالإمام
علي عليه السلام ،وبدين علي ،وبمنهج علي ،وبتوجيهات علي عرض الحائط، هذا
يعتبر من أسوء الانحطاط الذي يمر به الإنسان. هل يمكن أن أرى نفسي ،أو أي
واحد منا هل يمكن أن يرى نفسه أغلا من نفس الإمام علي عليه السلام؟؟. هل
يمكن لأحدٍ منا أن يرى نفسه ،أن يرى دمه أغلا من دم الإمام علي صلوات الله
عليه؟. لا يمكن لأحدٍ أن يقول لنفسه هكذا وإن كان واقع الكثير منا هكذا.
فالإمام
علي عليه السلام عندما كان يستقبل ذلك الحدث الذي يتوقعه أن يخضب دم رأسه
لحيته ويسقط شهيداً لم يكن منزعجاً من ذلك ،كان الذي يزعجه هو ما يرى
الأمة فيه وهي تسير باتجاه ذات الشمال ،وهي تبتعد حيناً بعد حين ومسافات
طويلة تبتعد عن كتاب الله وعن منهج رسوله ،كان يتألم عندما يرى أن تلك
الجهود التي بذلها الرسول وبذلها هو تحت لواءه في مكة وفي المدينة في معارك
الإسلام كلها ضاعت هباء، وصارت هباء منثوراً تحت أقدام ،وعلى أيدي من لم
يكونوا يجرئون في يوم من الأيام أن ينزلوا إلى ساحات الوغى لمواجهة أعداء
الله.
لقد
كان الإمام علي عليه السلام يخوض غمار الموت ويقتحم الصفوف في بدر في أحد
في كل معارك الإسلام بينما كان أولئك يجلسون جانباً وليتهم جلسوا جانباً من
بعد ما مات الرسول ولكن لا، كانوا في أثناء احتدام مواجهة الكفر يجلسون
جانباً ،وعندما نزل إلى قبره بل من قبل ذلك وهو لا يزال على فراش الموت
بدءوا يتحركون وينزلون إلى ساحة هذه الأمة ؛لينحرفوا بها عن نهج محمد الذي
من أجله كان يقتحم ساحات الوغى ،يقتحم الصفوف وهو يواجه المشركين ويواجه
الرومان ويواجه اليهود ويواجه كل أصناف أعداء الإسلام ،برزوا بعد.
هناك
عبارة قالها أحد العلماء بالنسبة للإمام علي صلوات الله عليه (لو كانت
الأمور تُقاس بمقاييس الدنيا لما كان أحد يُعدُّ مظلوماً أكثر مما حصل على
علي عليه السلام من الظلم) يجاهد ،يعاني ،يتعب في سبيل دين هو يعلم أنه دين
عظيم ،وفي خير هذه الأمة ،وفي مصلحة هذه الأمة ،وفي عزة هذه الأمة ثم يرى
أيادي تعبث بهذا الدين. فيتجه إلى تلك الأمة نفسها التي من أجلها جاهد ،من
أجلها عانا ،من أجل عزتها تعب يحاول أن يحركها قبل أن يَعْظُم الخَطْب ،في
مرحلة كان يمكن أن يتلافى فيها ما حصل فلم يحصل له استجابة منهم ،حرّك
الزهراء صلوات الله عليها ،حرك الجانب العاطفي ،فماذا عمل أولئك عندما خطبت
فيهم الزهراء صلوات الله عليها؟. بكوا وقالوا :إن خطوتها ما تَخْرُم خطوة
رسول الله ،تذكروا رسول الله في خطى فاطمة ومنطق فاطمة ولم يتذكروا رسول
الله فيما ذكرتهم به فاطمة عليها السلام، بكوا لغياب الرسول ولم يبكوا
لغياب دينه ،لم يبكوا من أجل غياب الدين الذي كان الرسول مستعداً من أجله
أن يُقتل ،وواجه المخاطر الشديدة من أجل هذا الدين.
فكيف
لا يتألم الإمام علي عليه السلام وكيف لا يرى نفسه مظلوماً وهو يرى الأمور
تسير على هذا النحو الذي يضيع كل الجهود التي بذلها الرسول وكل الجهود
التي بذلها هو وبذلها عظماء آخرون من خيار صحابة رسول الله .
وعندما
نرجع إلى الإمام علي صلوات الله عليه نراه كما أسلفنا يُلْهِمُ من خلال ما
قدّم ،من خلال ما تكلم، يُلْهِم الناس: كيف تكون المواقف الصحيحة؟. كيف
تكون التوجهات التي فيها نجاة الناس؟
عندما
نرجع إلى فضائل الإمام علي صلوات الله عليه نجد أن الرسول يثني عليه
كثيراً ،يجب أن نفهم من كل هذا ،من كل ما قدمه الرسول ،من فضائل للإمام علي
عليه السلام ،من كل ما ذكره من فضائل للإمام علي عليه السلام ،من كل ما
وجدناه من مواقف عظيمة للإمام علي عليه السلام أن تفكير النبي وتفكير
الإمام علي عليه السلام ،وما يريده الرسول ،وما يريده الإمام علي عليه
السلام هو أن نأخذ من ذلك العبرة ،نأخذ من ذلك الوعي ،نأخذ من ذلك ما
يجعلنا مستبصرين في كل شئون الحياة ،في كل المواقف التي يطلب منا أن نقفها
في هذه الحياة ،أن نعرف المقاييس الصحيحة التي من خلالها نستطيع أن نقيّم
الأشخاص والمواقف والاتجاهات في هذه الحياة ؛لهذا قال عنه ((علي مع الحق،
والحق مع علي)) ،ونحن شيعة الإمام علي عليه السلام يجب أن نرجع إلى دراسة
تاريخ الإمام علي عليه السلام ،إلى دراسة سيرة الإمام علي عليه السلام
؛لنعرف كيف نقتدي به؟ كيف نسير على خطاه؟ كيف نتمسك بنهجه؟ كيف نسلك السبيل
الذي سلكه؟ كيف ننظر إلى الأمور كنظرته ؛لأنه بالتأكيد قرين القرآن.
ولنأتِ إلى موضوع آخر هو: كيف كان استقبال الإمام علي عليه السلام للشهادة؟.
-وقد
تحدثنا عن ما الذي أوصل الإمام علي صلوات الله عليه إلى أن نراه يسقط
صريعاً في وسط أمة مسلمة ،وداخل بيت من بيوت الله- كيف كان استقباله
للشهادة هو؟؟. لنعرف أن الإمام علي صلوات الله عليه كان يرى أن مقام
الشهادة مقام عظيم ،وأنها أمْنِيَة كان يطلبها، أنها أمنية كان يسأل رسول
الله عنها هل سيحصل عليها؟ ،ومتى سيحصل عليها؟ ،استقبلها الإمام علي عليه
السلام استقبال من يعرف كرامة الشهيد عظمة الشهيد فعندما خر صريعاً بعد تلك
الضربة قال صلوات الله عليه (فُزْتُ ورب الكعبة).
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام بينما
نرى التاريخ يحكي عن أناس آخرين ممن سبقوه أن أحدهم تمنى عند احتضاره أنه
كان بَعَرَات لخروف تتساقط هنا وهناك ،لكن الإمام علي عليه السلام قال (فزت
ورب الكعبة). لأنه على يقين من سلامة دينه، على يقين من صحة موقفه ،على
يقين من صحة نهجه، على يقين من أن الله سبحانه وتعالى قد منح الشهداء
،وأعطى الشهداء الكرامة التي تجعل مثله –على الرغم من عباداته الكثيرة-
يصرخ بهذه الكلمة العظيمة مقسماً: (فزت ورب الكعبة).
ما
أحوجنا أيها الأخوة إلى أن نستلهم من الإمام علي صلوات الله عليه الصبر
على الحق ،والصمود في مواجهة الباطل ،استقبال العناء والشدائد بصدور
رَحْبَة ،بعزائم قوية ،بإرادات لا تُقهر ،برؤية واضحة ،ببصيرة عالية فنكون
ممن يحمل شعور الإمام علي عليه السلام حتى في لحظة الاستشهاد ،في لحظة
اغتياله يرى نفسه مسروراً فيقول (فزت ورب الكعبة).
لماذا
سماه فوزاً؟. وهل يمكن للكثير منا -الذي يرى نفسه فائزاً لأنه لم يُقْحِم
نفسه –كما يقول الكثير- في مشكلة ،أنه لم يدخل في عمل ربما قد يؤدي إلى
مشكلة ،أنه يبتعد مسافات عن أن يحصل عليه أقل ما يحتمل من ضر في ماله أو في
نفسه - هل يمكن لأحد ممن يفكر هذا التفكير أن يقول عندما يحتضر عندما
تأتيه ملائكة الموت: (فُزتُ ورب الكعبة)؟؟. لا والله ،بل ربما يصرخ
مُتَأَوِّهاً ،بل ربما يَبْهَرَه الموت –كما قال الإمام علي عليه السلام
وهو يوصي ابنه الإمام الحسن عليه السلام ويحذره من أن يكون على طريقة سيئة
عندما يفاجئه الموت- قال له: (فيَبْهَرَك). نعوذ بالله من بَهْرَة الموت،
متى تكون بَهْرَة الموت؟. عندما تكون أنت من لم تحرص على سلامة دينك ،من لم
تُضَحِّ من أجل سلامة دينك ،من لا تعتبر السقوط شهيداً في سبيل الله من
أجل سلامة دينك فوزاً، سيبهرك الموت ،وسيبهرك الحشر، وستبهرك زبانية جهنم
هذا شيء لا شك فيه.
الإمام علي عليه السلام عندما يقول (فزت ورب الكعبة) ؛لأنه سار على منهجية يفوز من سار عليها.
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام عاش
مجاهداً في سبيل الله، عاش أميناً، عاش صادقاً ،عاش ناصحاً ،عاش حراً ،عاش
ينطق بالحق، ولولا الإمام علي عليه السلام ،لولا كلمة الإمام علي عليه
السلام ،لولا مواقف الإمام علي عليه السلام لما وصل الدين إلينا بنقاوته
،لما وصل الدين إلينا بصفائه من داخل ظلمات ذلك الانحراف الذي أوصل معاوية
-وهو اللعين ابن اللعين- إلى سُدَّةِ الحكم إلى أن يتحكم على رقاب هذه
الأمة.
الإمام
علي صلوات الله عليه بعد أن عاش مجاهداً عاش على هذا النحو الذي أصبح فيه
فعلاً – وهذه فريضة مهمة يجب أن نتفهمها- شاهداً لرسول الله ؛لأنه في
الإمام علي صلوات الله عليه نزل قوله تعالى }أفمن كان على بَيِّنة من ربه
ويتلوه شاهد منه{ ،الرسول كان يتحرك على بينة من ربه ،والإمام علي صلوات
الله عليه كان هو الشاهد لرسول الله ،هو الشاهد من نفس رسول الله ؛لذا قال
عنه في مقام آخر: ((أنت مني وأنا منك)) ((علي مني وأنا من علي)) ،وجاء
القرآن ليؤكد ذلك فقال تعالى :}فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل
تعالوا نَدْعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم{ فجاء
بنفسه ونفس الإمام علي عليه السلام بعبارة واحدة (أنفسنا).
}ويتلوه
شاهد منه{ هل الشهادة هذه تقتصر على مجرد التصديق لرسول الله فنقول: والله
صحيح أنت نبي صادق لما رأيناه من هذه المعجزة أو تلك المعجزة. هذه شهد بها
حتى المشركون في قرارات أنفسهم }فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات
الله يجحدون{.
ما هي شهادة الإمام علي صلوات الله عليه لرسول الله ؟.
إنها
شهادة على مدى سنين، شهادة أداها في مواقفه ،شهادة أدّاها في حياته كلها
،وهي أنه إذا كنت تريد أن تعرف عظمة هذا الإسلام، إذا كان هناك أي نظرية
–كما يقولون- لا يمكن أن تعرف عظمتها إلا عندما ترى ما تصنعه ،ترى ما تقدمه
من أثرٍ ،ترى نماذج ،ممن يحملون أفكار تلك النظرية ،ثقافة تلك النظرية
،توجهات تلك النظرية ،فتراهم كيف هم ،هنا تحكم على تلك النظرية عندما كانوا
هم يجسدونها بنسبة مائة في المائة.
لقد
عَدّ كثير من الكُتّاب والعظماء الإمام علي عليه السلام في معجزات الرسول
،قالوا عن الإمام علي صلوات الله عليه أنه: كان معجزة للرسول من هذا
الاتجاه.
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام ما
يُدرينا أن هذا الدين عظيم في واقعه؟. وهو دين يخاطبنا ،دين يتحدث مع
نفوسنا ،مع وُجداننا ،دين لـه رؤيته في نموذج للإنسان يريد أن يقدمه ،كيف
ذلك النموذج الذي سيقدمه الإسلام فعلاً لمن يسير عليه؟. ارجع إلى الإمام
علي عليه السلام وستعرف ذلك النموذج ،الذي لم يبهر فقط المسلمين بل بهر
المسيحيين فكتب عنه كُتّاب مسيحيون أُعجِبوا بعظمته ،أُعجبوا بمصداقيته
،اعتبروه عبقرياً ،عظيماً ،اعتبروه مثلاً أعلا حتى من غير المسلمين.
عندما
ترجع إلى الإمام علي صلوات الله عليه في رؤيته ،في مواقفه ،في ممارساته
،في سلوكياته تجده فعلاً نموذجاً للشخصية العظيمة التي يمكن أن يصنعها هذا
الدين الذي جاء به الرسول ،فهو شاهد لهذا الدين: أنه دين كامل ،من إله كامل
،اصطفى لتبليغه رسولاً كاملاً ،هو الله سبحانه وتعالى الذي قال }اليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً{ هو دين كامل
،ورسول الله الله تعالى اصطفاه وأكمله ،هو من قدم هذا الدين كرسول له. لكن
نريد أن نرى في الساحة نموذجاً صادقاً يشهد لعظمة هذا الدين؟. ارجع إلى
الإمام علي عليه السلام }ويتلوه شاهد منه{. في مواقف الإمام علي عليه
السلام عندما ترجع إليها تجد عظمة الإسلام ،تجد أخلاق الإسلام متجسدة ،وهذه
لها أثرها في النفوس ،كل شيء سيبقى نظرية ،كل شيء سيبقى خاضعاً للاحتمالات
إذا لم يكن هناك على صعيد الواقع ما يشهد لصحته ،}سنريهم آياتنا في الآفاق
وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق{.
كما
تأتي الشواهد في الأحداث في المتغيرات تشهد لهذا الدين ،وهو حق لا شك فيه
لكن كمنهجية تربوية لهذا الإنسان ،لينطلق إلى أعماق مشاعر هذا الإنسان
ويفرض عظمته على هذا الإنسان من خلال الأحداث ،من خلال الآيات ،من خلال ما
يُقدمه من نماذج ،فعلى مستوى الإنسان ارجع إلى الإمام علي صلوات الله عليه
إنه شاهد على أنه حق، }سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم
أنه الحق ،أوَلم يكفِ بربك أنه على كل شيء شهيد{ وكفى به شهيداً، ولكن من
أجلنا نحن بني البشر الذين قال الله عنهم }وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً{
}قُتِلَ الإنسان ما أكفره{ إلى آخر ما وصل إليه الإنسان عندما يتجه إلى
العناد ؛فمن أجل رحمة الله به ،من أجل لطف الله به، من أجل رأفة الله به
يُقَدِّم له الشواهد في مختلف المجالات على عظمة ما قدمه له من منهج ،على
عظمة هذا الدين الذي أتمه لـه ،وأتم به النعمة عليه ،ورضيه ديناً يدين به
أمام مولاه سبحانه وتعالى.
عندما
تأتي إلى رؤية الإمام علي عليه السلام تجد فيه شاهداً ،رؤيته للحياة
،رؤيته للإنسان ؛لذا جمع في نهج البلاغة ما قال عنه الكثير: (بأن الإمام
علي صلوات الله عليه برز عالماً فيلسوفاً بل قدوة في كل هذه الاتجاهات فبرز
كعالم اجتماع ،برز كعالم اقتصاد ،عالم نفس، مرشد ،معلم في كل الاتجاهات
،برز ذلك الشخص عظيماً يقدم رؤية حقيقية وواقعية للحياة).
حتى
وهو يتحرك في مواجهة أعدائه ،وهو يتحرك مع من ينطوون تحت لوائه كان يحذرهم
،كان ينذرهم ،كان يعطيهم رؤى ،كان يذكرهم بأشياء عرفوا من بعد صحتها ،بل
مر الكثير منهم بها وعايشوها، كان يقول لأهل العراق: (والله إني لأخشى أن
يُدَال هؤلاء القوم منكم لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم) في هذه
العبارة تجد رؤية حقيقية ،رؤية واقعية ،رؤية صحيحة لدى الإمام علي عليه
السلام في النتائج في المسببات ،ما خلفياتها؟ ما أسبابها؟.
عندما
تخالط الناس ،وتسأل ذا وذاك تجد أن ما يمكن أن يقوله هذا الإنسان أو ذاك
-وهو يرى ويسمع ما يعمله أعداء الله- ما هو الكلام الذي يقوله أي واحد
منا؟. يقول: (لعنة الله عليهم ،مجرمين ،الله يكفينا شرهم). عندنا تفكير أنه
(فقط يُهَيمن الباطل ،يسود الضلال، ينتشر الفساد ،يضيع الحق من جانب واحد
هو جانب أولئك) ،هذه النظرة نفسها التي توجد لدى شعوبنا ولدى زعماء هذه
الأمة ،لاحظوا كيف هم يتجهون إلى محاولة أن يتداركوا ما يريد أن يفعله
اليهود والنصارى بنا ولو بتوليهم ،والبحث عن السلام من عندهم وبأي طريقة
ترضيهم ،يتصوروا أن المنفذ من هناك فقط ،ولا يتجهون إلى جانب آخر إلى هذه
الأمة لبناءها، يفكرون هذا التفكير الذي يفكر به الكثير الكثير من الناس
،جانب واحد فلأتفادى ذلك الجانب ،أسالم ذلك الجانب ،أعطيه ما يريد ؛من أجل
أن لا يسود ما يسود ،لا يهيمن من يهيمن ،لا يحصل ما يحصل من شر.
إن
الفساد ينتشر ،إن الحق يضيع ،إن الباطل يحكم ليس فقط بجهود أهل الباطل
وحدهم بل بقعود أهل الحق. وأعتقد أن هذا قد يمثل نسبة سبعين بالمائة من
النتائج السيئة.
الله أكبر/ الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام بدليل
أننا نرى أن الله سبحانه وتعالى لم ينظر إلينا بمنظار ولو خمسين بالمائة
وخمسين بالمائة من جانب الأشرار فنكون أمامه على صعيد واحد ،بل نراه يسلط
أولئك على هؤلاء ،ماذا يعني ذلك؟. أن التقصير من جانب أهل الحق ،من جانب
هذه الأمة ،من جانب من هم في واقعهم يمثلون جنود الله أن التقصير من جانبهم
هو عامل مهم ،وهو العامل الأكبر في سيادة الباطل ،في استحكام الضلال ،في
انتشار الفساد ،في ضياع الحق.
والإمام
علي عليه السلام يقرر هذه الحقيقة في كلمته هذه عندما قال لأهل العراق
(والله إني لأخشى أن يُدَال هؤلاء القوم منكم ؛لاجتماعهم على باطلهم
وتفرقكم عن حقكم).
لو
لم نخرج من هذا الاجتماع إلا بأن نحمل هذه الرؤية لكان مكسباً كبيراً ،أن
نعرف من الإمام علي عليه السلام ولو هذه الرؤية : أننا نمثل في قعودنا ،في
سكوتنا ،في صمتنا ،في إهمالنا ،في حالة اللامبالاة التي نعيشها نمثل سبعين
بالمائة من عوامل سيادة الباطل وضياع الحق، من عوامل ظلمنا وقهرنا وإذلالنا
لأنفسنا نحن ؛ولهذا وجدنا الله يُسلط الكافرين على المسلمين ، وحديث
الرسول يؤيد ما قاله الإمام علي عليه السلام الذي قال فيه: ((لتأمرنّ
بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء
العذاب ثم يدعوا خياركم فلا يُستجاب لهم)) ماذا يعني هذا؟. لماذا لم تُسلط
علينا وعليهم مع بعض؟. ليست القضية على نسبة خمسين بالمائة من عندك وخمسين
بالمائة من عند أولئك ،أنت من جانبك تمثل سبعين بالمائة ؛لأن الباطل ، لأن
العدو هو بطبيعته سيزهق ؛لأنك عندما تتحرك ،عندما تسير على نهج الله ،عندما
تثق بالله الله سبحانه وتعالى هو سيتحرك –إن صحت هذه العبارة- سيقف هو في
وجه أولئك الأعداء ،والحق بطبيعته إذا ما وجد أمة تحمله ،وتثق بربها فإن
الباطل زَهُوْقٌ بطبيعته }وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً{
،بل قال بصريح العبارة }ولو قاتلكم الذين كفروا لولوكم الأدبار ثم لا
ينصرون{ ، هو سبحانه وتعالى من يقول عن أهل الكتاب هؤلاء الذين يتسابق
الزعماء على استرضاءهم ،يتسابق الزعماء على توليهم ،يتسابق الزعماء العرب
على الدخول في اتفاقيات أمنية معهم، يقول عنهم: }لن يضروكم إلا أذى وإن
يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون{ ،فأمة تُضيّع كتابها ،تضيع ما يمكن
أن يعطيه الله من عونٍ وإمداد لها ،تضيّع الحق الذي هو بطبيعته أقوى من
الباطل ،أقوى في منطقه ،أقوى فيما يُقدمه ،فيما يخلقه من روحية ،فيما يخلقه
من معنويات عندما تضيعه بالطبع تكون جريمتها أكبر.
الإمام
علي عليه السلام حذر أهل العراق قال لهم: أن ما هم عليه من تَقَاعُسٍ ،من
حالة اللامبالاة ،لا ينطلقون ،لا يبادرون ،لا يتحركون بالشكل المطلوب حذرهم
فقال: (والله إني لأخشى أن يُدَال هؤلاء القوم منكم) ما معنى يُدَالَ: أن
تكون لهم الدولة عليكم ،أن يكون لمعاوية ولأهل الشام الدولة عليكم
فيحكمونكم ،يقهرونكم ،يذلونكم ،يضطهدونكم ،يستضعفونكم ،يقتلونكم ويشردوا
ويدمروا ؛ (لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم). ألم يُقدم العامل على
أنه عامل مشترك في سيادة الباطل ،في استحكام الشر؟.
هذه
النظرة من هم الذين يحملونها؟. من هم أولئك من هذه الأمة الذين تسيطر على
مشاعرهم هذه الفكرة؟. يجب أن نكون هكذا ،وهذا هو الذي يخلق دافعاً لدى
الإنسان ،يستشعر مسئوليته ،يعرف سوء موقفه وهو يقعد ،وهو يصمت ،وهو يتقاعس
،وهو يتخاذل ،ويتثبط سيعرف سوء موقفه ،إذا لم تكن تنظر إلا إلى جانب واحد
سترى نفسك وكأنه ليس من عندك أي خلل ،بل في الأخير ستكون أنت من يلوم الله
لماذا لا يكف عنك أولئك ،وأنت في الأخير من ستنطلق لتقول لله : (اللهم أنت
دمر أولئك أما نحن فليس لنا دخل ،اللهم أهلك أولئك ،اللهم خلصنا من أولئك)
ومتى ما حصل تسليط أو نحو ذلك نلوم الله لماذا سلط علينا؟.، لماذا أصبحنا
هكذا؟!
[/center]