سمير الجبل
عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 15/04/2012
| موضوع: عبدالله الأصنج في حوار مع جريدة الشرق الأوسط:*الرئيس الجديد "هادي" كان نائبا للزينة بدون صلاحيات دستورية... ولم يعترض يوما على وضعه الهزلي الإثنين أبريل 30, 2012 1:30 pm | |
|
هذا الحوار الصحافي الضافي مع السياسي اليمني المخضرم، عبد الله عبد المجيد الأصنج، وزير خارجية اليمن الأسبق، لا يقف عند باب التطورات السياسية الراهنة في اليمن، وإنما يطرق باب الماضي والحاضر والمستقبل أيضا، ففي الحوار مواقف لهذا السياسي المنفي منذ عقود عن وطنه، بشأن الوضع الراهن ونظرته وقراءته لما يجري وفي أي سياق، إضافة إلى أن الحوار يخوض في ذاكرة الوزير الأصنج وعلاقته السليمة والمتأزمة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، والأخير قاد وزير خارجيته، في يوم ما إلى قفص الاتهام لمحاكمته بتهم عديدة أبرزها «الخيانة العظمى» وحكم عليه بالإعدام، قبل أن تتدخل العديد من الدول وتنقذ رقبته من «حبل المشنقة»، كما يعرج الحوار على حال اليمن بشماله وجنوبه، شرقه وغربه، ويسرد وزير خارجية اليمن الأسبق، في الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، فصولا مهمة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر. فإلى نص الحوار:
[b]حاوره: عرفات مدابش
* كيف تقرأون الوضع السياسي في اليمن، وما هي أفق الحلول في ظل مراوحة الأوضاع لمكانها؟
- الوضع السياسي في اليمن سيئ ويزداد سوءا مع كل يوم يمر، وعودة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح إلى صنعاء تدفع بالأمور هناك نحو مزيد من التأزيم والتعقيدات بل والانفجار وذلك من خلال مواجهات مسلحة لا مفر منها بين أطراف الصراع تحت شتى الأعذار والأسباب والمبررات، ففي حالة صالح نجده يتمسك بالبقاء رئيسا حتى آخر رمق، ولا حل ممكنا لتفادي إشعال الحرائق والتغلب على التحديات وتجاوز الأخطار التي تهدد الإخلال بالأمن الاجتماعي والاستقرار وبالسلم الأهلي وإهدار فرص التنمية وإفشال عملية الانتقال السلمي للسلطة وإسدال الستار على مرحلة سابقة غير مأسوف عليها، ولا بد من تضافر الجهود لوضع حلول مبكرة لمعالجة الحالات المتردية السائدة في صعدة والجوف وفي حجة ومأرب وصنعاء وفي تعز وعدن وشبوة وأبين ولحج وحضرموت والمهرة وكل مدينة وقرية في اليمن شمالا وجنوبا، وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة تحقيق مبدأ المشاركة الشعبية في السلطة لا مجرد التشاور حول اقتسامها كما جرى في الماضي أو كما هو جار في ظل الرئيس الانتقالي الجديد القديم، كما أن المطلوب وضع مهمة إدارة الثروة في أيد مؤهلة وقادرة ونزعها من أيد عابثة وفاسدة ساعدت وتورطت على مدى أعوام للتستر على تحويل مليارات الدولارات إلى حسابات خارجية تخص الرئيس المخلوع وأقاربه وأعوانه وهذه هي البداية الصحيحة للتأكيد على أن ثورة في اليمن شمالا وجنوبا قد تحققت لتصحيح الاختلالات كلها والقضاء على نزعة الاستحواذ التي أسست ثقافة نظام الطاغية بحراب القبيلة والعسكر وهيمنت على إدارة شؤون البلاد والعباد وفرضتها كواقع معيش منذ ثورة 26 سبتمبر (أيلول) مرورا بإعلان الوحدة في عام 1990، ومن ثم تفجير «حرب الانفصال في 1994 وخلق حالة المراوحة وربما الضياع باسم مرحلة جديدة يحالف مسيرتها العجز والفشل والإحباط، فالإعصار قادم لو تكرر الفشل وتعثرت مساعي وجهود التغيير والعياذ بالله.
* ما هي أبرز التحديات التي تواجه الرئيس عبد ربه منصور هادي؟
- الرئيس الجديد، عبد ربه منصور، كان نائبا للمخلوع دون صلاحيات تذكر، فقد كان نائبا ديكوريا للرئيس المخلوع الذي امتنع عن إصدار قرار جمهوري يعلنه نائبا له. كان منصور للأسف الشديد نائبا للزينة بدون صلاحيات دستورية... ولم يعترض يوما على وضعه الهزلي وصبر على الضيم حتى ضاق الصبر من صبره.
وأبرز التحديات التي يواجهها الرئيس منصور، كما أتصور، تتجسد في عودة الرئيس المخلوع إلى اليمن لغرض في النفس الأمارة بالسوء، ربما لأن شيطانه زين له ممارسة لعبة السياسة، بعذر أنه رئيس حزب المؤتمر الشعبي، وبالتالي، هو رئيس لرئيس البلاد الجديد الذي تم انتخابه بالتزكية دون منافس باعتباره أمينا في الحزب ذاته، وهكذا لا بد للرئيس الجديد عبد ربه منصور بعد أن أصبح الرئيس المولى في صنعاء أن يحرر نفسه من جلباب الرئيس المخلوع ويستقيل من المؤتمر الشعبي، حزب أوهام السعادة والهناء فورا، وبالتالي يتحرر وإلى الأبد من شبح الولاء والارتباط برئيس مخلوع لم تعد له صفة مقبولة معترف بها في اليمن وخارجه.
* من خلال معرفتك القريبة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، هل سيترك التسوية السياسية تسير بشكل طبيعي؟
- التسوية السياسية، كما تبدو لي، بعيدة عن خط السير المرسوم لها والمقبول بتحفظ كبير من جموع الشباب الثائر في اليمن، وبالمثل يتحفظ عليها عقلاء الشعب لأن الرئيس المخلوع بحكم طبيعة قناعاته وتفكيره لم يهضم بعد الحقيقة بأنه لم يعد رئيسا لشعب صمم على عزله وتفكيك مفاصل نظام حكمه، لقد أحاط صالح نفسه ببطانة سوء فأوصلته إلى ما وصل إليه، ومعلوم أن بطانة السوء التي تحيط بحاكم جاهل وسيئ تتحول، مع مضي الوقت، إلى مصدر للتحريض والدفاع عن الخلل والتجاوزات والمشاركة في الظلم والقهر، وعادة ما توفر بطانة السوء لنفسها المأوى وللأوغاد المتعاونين معها، وهكذا تتحول الأوطان إلى مبعث تعاسة وشؤم وفساد وفشل وعمى يلازم الطاغية اللاهي الذي احتكر السلطة المطلقة في اليمن شمالا وجنوبا. ومنذ عودة علي عبد الله صالح إلى صنعاء من السعودية والولايات المتحدة مرورا بسلطنة عمان وإثيوبيا وهو يمارس صلاحيات رئاسية خارج الدستور وما تلزمه به المبادرة الخليجية معتمدا على أموال وضع اليد عليها وعساكر تحت إمرته للنكوص من تعهدات قطعها على نفسه أمام حكومات خليجية شقيقة ومجتمع دولي ثمنا لضمانات منهم له بعدم ملاحقته أو محاكمته لجرائم جسيمة.
إن عودة صالح من جولات للعلاج الطبي كانت بشروط لم تعلن في حينه وذلك لحفظ ماء وجهه، وحتى يومنا تتحفظ عدة حكومات على طلب لجوئه لمدة عامين، لمعرفتها بأن بقاءه فيها على مقربة من اليمن سيبقى خارج السيطرة ومصدر إقلاق للداخل اليمني وسيعمل على استئجار وتنشيط عناصر للتخريب في اليمن وجواره في لعبة خلط الأوراق التي يحترفها، والتسوية لن تجد طريقها لتحقيق الغرض الإنساني لها بسهولة. وأن العقبة الكأداء المعوقة تتلخص في إصراره على البقاء في جامع الصالح بصنعاء الذي تحول أخيرا إلى مقر إداري له ولمن حوله من الأعوان العسكريين والجوقة الإعلامية المواكبة لهم.
* إذن ما الحل؟
- الحل يعرفه الجميع ويحتاج الموقف إلى حسم بواسطة الرئيس الجديد والحكومة الجديدة، فاليمن يدخل مرحلة انتقالية جديدة والمسؤولية ملقاة على عاتق شباب الثورة الذي أشعل فتيل الثورة السلمية لتحقيق الهدف الكبير والأسمى لإسقاط سلطة قهر وفساد وتخلف وكاد يسدل ستارا على عهد الظلام، وجاءت الأقدار بمشروع خليجي منح الرئيس المخلوع فرصة ترك السلطة بسلام مع حفظ ماء وجهه، وأن يستعيد شباب الثورة زمام المبادرة من أحزاب اللقاء المشترك وأن يتولى هذا الشباب الغيور مهمة إدارة الأزمة القائمة التي يتسبب في توسيعها وتصعيدها وجود رئيس مخلوع يرفض أن يهدأ ويترك للشعب اليمني في الشمال والجنوب أن يقرر مصيره بعد 33 عاما من البؤس والشقاء والفساد، أيضا أن يوحد شباب الحراك السلمي الجنوبي صفوفه ويتخلى عن الانتماء الحزبي البائد ويتحرر من رواسب وارتباطات جهوية وحزبية وولاء مدفوع الأجر لزعامات الخارج التي واكب الفشل والإخفاق مواقفها وسياساتها وقراراتها قبل إعلان الوحدة وخلالها وبعد حرب 1994 وحتى يومنا، إضافة إلى أن يبادر عبد ربه منصور ومحمد باسندوه إلى سرعة إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن ووضع الرجل المناسب في كل مفاصل مرافق الدولة دون مجاملة أو مهادنة، وأن يتم إعلان إقالة كل المسؤولين الفاسدين والفاشلين من ملاك العهد البائد بعد جردهم بمعرفة لجنة تحقيق وتفتيش محايدة.
كما أعتقد أن ضمن الحلول أن ينشر الحوثيون مشروعهم السياسي في محافظات صعدة والجوف وحجة بعلم الحكومة وموافقتها باعتبارهم هيئة سياسية معترفا بها من جانبها حتى يستقر الوضع فيها بعلم ومعرفة وإقرار الحكومة وتحت سلطتها والقوانين المرعية، وأن تعلن حكومات مجلس التعاون الخليجي والأمين العام للأمم المتحدة تأييدهما للإجراءات التي يتخذها الرئيس عبد ربه منصور وأن يحذروا الرئيس المخلوع بأن ما قدموه له من ضمانات ينتهي الالتزام بها خلال شهر من تاريخه ما لم يغادر اليمن وأن المحكمة الدولية في انتظاره بعد شهر، كما أن ضمن الحلول أن تطلق دول الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي مشروعا للإنعاش الاقتصادي لليمن ويعهد الإشراف والتنفيذ لهيئة خبراء مستقلين من اليمن شمالا وجنوبا بالتساوي برئاسة رئيس دولي مستقل.
* ما الذي أدى بك إلى الخلاف مع صالح واتهامه لك بالخيانة ومحاكمتك مطلع ثمانينات القرن الماضي؟
- خلافي مع علي عبد الله صالح قد بدأ حين اختار لنفسه أعوانا من ذوي السمعة غير اللائقة برئيس، فكان من حوله إلى جانب الابن وأبناء الإخوة والأقارب قافلة من المنتفعين والمتطلعين الذين كثيرا ما كنت أزجرهم وأحذره من الاعتماد عليهم كمصدر للرأي والمشورة في أمور الدولة التي تتعلق بعلاقات اليمن بدول الخليج خاصة، وفي يوم من الأيام قام سفير دولة آسيوية كبرى بزيارتي في منزلي بعذر توديعي لقرب عودته إلى بلده لانتهاء فترة عمله وقال لي وهو يوشك على المغادرة «هناك من يتآمر عليك فكن حذرا»، كان صديقا إنسانا أحب اليمن وأهله.
لقد كانت هناك عناصر عسكرية «سبتمبرية» من ذوي التظاهر بالانتماءات الماركسية وأخرى من المرتبطين مع نهاية كل شهر بالبعث العباسي وثالثة بالبعث الأموي، إلى جانب أدعياء مع كل «زامل» يزملون، كما كان لعدد من الإخوة الحالمين بالأممية طموح في تحقيق الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب على خطى ماركس ولينين وماو. واعتقدوا أن مثل هذا الحلم ممكن وحتمي وأن التعايش والتظاهر بالاصطفاف وراء صالح ممكن بشرط أن يتخلص من عبد الله الأصنج، وجرى الاتفاق سرا في لقاء جانبي جرى في دولة شقيقة وتواصل اللقاء والاتصالات مباشرة وعبر مبعوثين من عدن إلى صنعاء والعكس، كان أساسه التعاون بين العاصمتين مقابل إبعاد الأصنج، وكنت، للأسف الشديد، محاطا بعناصر مأزومة بعقد وحقد دفين ضد التفوق وضد جنوبي يتولى باقتدار حقيبة الخارجية ويحتفظ بقدر، غير مسبوق، من الثقة والاحترام من قيادات عليا أذكر منهم الرئيس عبد الله السلال.
ويصح القول بأن «تهمة الخيانة» هي محض «فبركة» نسج خيوطها مجموعة من المتسلقين الطفيليين من حول الرئيس المخلوع للتخلص مني بعذر تحريضي الخارج ضده، وهذه كانت «القشة التي قصمت ظهر البعير»، وهكذا تحقق له ما كان يراود عقله فاعتقلني وحاكمني.
والعقدة التي تحكمت في فض علاقتي بالمخلوع بدأت حين قبلت السعودية، بعد تعهد من علي عبد الله صالح، بأن ينهي صفقات التسليح من الاتحاد السوفياتي والالتزام بالتحول إلى السلاح الأميركي والفرنسي، التزمت السعودية بالاتفاق ودفعت ملايين الدولارات لتأمين صفقات أسلحة غربية لكنه عاد بتحريض وتشجيع من وزراء كانوا يعارضون دائما كل تقارب مع الرياض وأقنعوه بالخروج دون إعلان على تعهداته بعد أن وصلت «طائرات F5» الأميركية إلى مطار صنعاء من مطار الطائف، لقد نصحته كثيرا بمنع الوزير اليمني المكلف بزيارة موسكو لإلغاء الزيارة ولكنه أصر عليه أن يقوم بها، وهذا ما تشاورت حوله في حينه مع الأخوين الشهيد عبد العزيز عبد الغني ود. عبد الكريم الإرياني، فقد كنت رافضا ومعارضا تنكر علي عبد الله صالح لتعهداته للسعودية، ولذا كان لا بد له لمعاقبتي وذلك بترتيب مسرحية المحاكمة وإصدار حكم بالإعدام ومن ثم تخفيفه بعد تلقي أموال بالملايين من دول خليجية شقيقة كان الشيخ زايد بن سلطان يرحمه الله ويتولاه بمغفرته في مقدمة من دفع مالا وفيرا لإنقاذي من موت محقق، ورحم الله القاضي غالب راجح الذي مات بعد جرعة سم أعطيت له في دار علي عبد الله صالح لأنه رفض أمرا بإصدار حكم بالإعدام ضدي بتوجيه من المخلوع بحضور آخرين منهم الوزير محمد عبد الوهاب الجباري وعبد الله حمران، وقد حاول مناشدته بإصدار العفو وغلق القضية كل من المستشار حسين الحبيشي والوالد الأستاذ أحمد محمد النعمان والسفير أحمد الشجني والوزير السفير العلامة والصديق الحميم محمد عبد الرحمن الرباعي أطال الله في عمره.
* ما هي أبرز الصفات التي لمستها خلال فترة عملك معه، سلبا وإيجابا؟
- اعذرني فأنا أعفي نفسي عن الخوض في صفات الموتى، ولو كان الموت سياسيا، والمفروض أن يكون موته أبديا بعد الإعلان عن تنصيب رئيس جديد في اليمن تم إعلانه منتخبا بالتزكية هو الأخ عبد ربه منصور هادي، لقد كان الرئيس المخلوع أميا لا يعرف من القراءة والكتابة غير توقيع اسمه حين يقبض راتبه الشهري وحال تنصيبه رئيسا لـ«الجمهورية العربية اليمنية» بادر أهل الخير إلى استقدام فقيه من الأزهر الشريف تحت عذر تدريس أبنائه أحمد وبلقيس، والحقيقة أن والدهما المخلوع كان ثالثهما ومعذرة عن عدم الاستطراد لأن في فمي ماء ولا ينطق من في فيه ماء. ومذكراتي قريبة النشر فالتكملة في فصولها إن شاء الله.
* هل تعتقد أن صالح غيّر من سلوكه السياسي خلال العقود التالية لعملك معه أم ماذا؟
- بداية أقول: نحن نتحدث عن شخصية مزدوجة التركيب تجمع بين التظاهر بالقوة والفهم الكامل ببواطن الأمور، ونشأة هذه الشخصية المركبة تنطلق من طفولة بائسة وحصيلة متدنية من التعليم حالفه الحظ وأصبح رئيسا في أعقاب اغتيال الرئيسين إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي بعد أن غاب عن الرئاسة العلامة القاضي عبد الرحمن الإرياني بفعل رغبة حمقاء من مشايخ قبليين كان يتخذ منهم شركاء سلطة، وفي ظل أجواء خوف من حماقة النظام في الجنوب ابتسم الحظ وأصبح علي عبد الله صالح رئيسا، وبمرور الوقت عرف الناس عنه ما كان مجهولا، وعلي صالح مخلوق اختار لنفسه أسلوبا منفردا للتعامل مع الآخرين كبارا أو صغارا، إلا في حالة شخصيات قوية مثل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ومجاهد أبو شوارب وأحمد صالح بلحمر وعمر الجاوي رحمهم الله ومثلهم أيضا من الأحياء أمين العكيمي وحميد الأحمر والشبواني وصالح فريد بن محسن وآخرين، وأما أسلوب تعامله مع وزراء ومحافظين فيشمل الذم والشتم والصفع والإهانة.
* هناك ملفات شائكة في اليمن يعرفها الجميع، منها تهديدات سياسية وجغرافية وإرهابية، فهل تعتقد أن اليمن يمكن أن يظل موحدا وكيف؟
- الملفات الشائكة خارجية كانت أم داخلية إقليمية أم دولية معروفة وتتحمل الحكومات السوية واجب ومهمة التفاوض عليها بعد وضع الحلول المناسبة لها على أساس حماية الحقوق السيادية والعائدات المالية منها والتعويضات المستحقة عنها دون تهويل أو تهاون أو فساد، وأما مسألة الإرهاب فتبقى قضية ملقاة على عاتق من كان رئيسا، حتى الأمس القريب، ومن أصبح اليوم رئيسا أو كان نائبا حتى الأمس القريب، والمعلومات السائدة في أجهزة أمنية يمنية وخليجية ودولية تشير إلى أن اليمن قد تحول منذ أكثر من ثلاثين عاما في ظل الرئيس المخلوع إلى مأوى وملاذ للإرهاب وللإرهابيين، والمعلومات التي يتداولها خبراء الأمن ومحاربة الإرهاب تؤكد بأن صالح والعاملين في إدارته من قيادات يمنية كانوا، بعلمه وموافقته، على علاقة عضوية بعناصر إرهابية، ومن أجل التكسب يعمد المسؤولون إلى تسريب معلومات عامة عنهم للأميركيين والخليجيين دون اعتقال هؤلاء المطلوبين، وفي حالات معدودة يتم قتل أحد هؤلاء في مطاردات موسمية بعد حالة هروب مبرمج أو ينفرد أفراد القوة الأميركية بتصفية جماعة منهم بطائرة بدون طيار. وهناك خبراء أجانب يتبادلون الأدوار مع أجهزة المكافحة والجماعات المطلوبة بين فترة وأخرى، وليتأكد اليمنيون في الشمال والجنوب بأن هناك عناصر إرهابية البعض منها على علاقة ما بأجهزة أمنية يمنية وآخرين من المنتسبين لجماعات إسلامية عالمية.
وأما الوحدة ومستقبلها في اليمن فمسألة أساسها الإقناع والاقتناع، فالوحدة التي أعلنت بين الجمهوريتين في 1990، قد قضى عليها المخلوع بالفساد والقتل والفشل والحرب. وما على عشاق الوحدة سوى الابتعاد عن التمني بيوم قريب يمارسون فيه الحق المطلق لتداول السلطة ديمقراطيا، وأخشى أن تواجه سلطة الرئيس عبد ربه منصور الانتقالية تحديات جمة، وهي سلطة لا تملك ما يدفع عنها الأذى وليست بمأمن من أن تنهار بفعل ما ارتكب المخلوع من جرائم جسيمة، ويقلقني أن أشير إلى أن خطرا يلوح في الأفق في حال أن لو توجهت قيادات أحزاب اللقاء المشترك نحو مساومة لتقاسم السلطة دون الرجوع إلى الشعب في المحافظات الجنوبية حتى لا يتشظى الشمال والجنوب معا ويكون في كل قرية وفي كل محافظة شمالية أو جنوبية أمير ومنبر.
* الحراك الجنوبي، ما الذي يمكن أن يقبل به في إطار دولة موحدة وكيف؟
- لجماعات الحراك الجنوبي قيادات معروفة هي صاحبة القرار ومصدر إعلانه متى دعت الحاجة والضرورة وإذا كان العدل أساس الحكم فإن العدل والقانون والدستور قد غابوا أو غيبوا عن الحياة السياسية في الشمال، وأما في الجنوب فالعدل والقانون والدستور لا وجود لهم في ظل عسكر المخلوع الذي وجدوا في جمهورية اليمن الديمقراطية مزرعة أبقار وآبار نفط وغازا وميناء عالميا ينهبون ويحلبون بدون حساب، والأصح أن نسمع القول الفصل من قادة الحراك فهم الأكثر استيعابا لتفاصيل معاناة الدولة الموحدة.
* هل يشكل الحوثيون خطرا على اليمن وجيرانها وهل ترى أن لديهم رغبة في التوسع جغرافيا أم المسألة تتعلق بممارسة شعائر فقط؟
- الحوثيون ظاهرة دينية مذهبية كما هو حال مذاهب أخرى تنتشر في أكثر من بلد إسلامي عربي وغير عربي، وفي اليمن لعب الرئيس المخلوع دورا كبيرا على المكشوف لتأسيس «حركة الشباب المؤمن»، وأنفق من المال العام على تبنيها وتأسيس مراكز ومدارس ومعاهد لها في محافظة صعدة وكان المؤسس حسين الحوثي المنشق عن حزب الحق من أكثر المتعاونين قربا للرئيس المخلوع وكبار مساعديه وأجهزته الأمنية، والحوثيون كظاهرة سياسية ذات وجه ديني تعمل كحركة سياسية من أجل الانتشار إلى كل ما حولها منطلقة من صعدة، وهي ليست دولة توسعية تتوسع خارج حدودها الجغرافية المعلنة والمعترف بها دوليا، والحوثيون يسيطرون على صعدة بمحافظ سابق من رجالات العهد السابق، وهم كانوا يتمنون، ولن أقول يطلبون أو يرغبون، أن يستمع مسؤول سعودي إلى إيضاحاتهم وتأكيداتهم وتعهداتهم بعدم خلق متاعب في خطوط التماس ولكن كان البديل هو التجاهل وتصديق علي عبد الله صالح حول روابطهم بإيران وحزب الله تارة ودولة قطر تارة أخرى، ولست في وضع يجيز لي نفي أن لإيران أهدافا توسعية أو مجرد أسباب عابرة من وراء الإيحاء بأنها - أي إيران - تواقة للتمركز في اليمن خاصرة السعودية، ولا أنفي قيام إيران باستقدام ثلاثمائة شاب من المحافظات الجنوبية وتخصيص مساعدات مالية لواجهات سياسية وقبلية يمنية شمالية وجنوبية على مدى عدة أعوام، فهذه حقائق تتحدث عن نفسها، وأرى بأن على الرئيس الجديد في صنعاء وحكومته أن يبحثوا بصدق وجدية في هذه الأمور وأن يتفادوا التمسك بسياسات سابقة تعتمد على فزاعة إيران لتأمين مصدر تمويل خارجي ثانٍ لمكافحة الإرهاب ومصدر تمويل ثالث تحت مسمى التمدد الإيراني الشيعي في المحافظات الجنوبية، وهكذا أثرى الطاغية في اليمن.
* كسياسي يمني مخضرم، إلى ماذا ترجع انتشار الجماعات الجهادية والإرهابية في اليمن وكيف يمكن التخلص منها؟
- نحن أمام تراكم فشل وفساد وفقر وبطالة وحرمان الغالبية في مجتمع يرزح مواطنوه تحت خط الفقر ويعيش 90 في المائة منه حالة معاناة طاحنة سياسية وفقدان أمن على مدى عقود. عاش الشعب اليمني فترة طويلة على الشعارات المثيرة للمشاعر مثل «لا صوت يعلو على صوت الحزب». وانتقل في مرحلة أخرى إلى شعار «الإسلام هو الحل». فلا الحزب الحاكم حقق انتصارا على الفقر والبطالة والفساد وأوقف التصفيات الجسدية بين الإخوة الأعداء ولا عودة «الأفغان العرب» أعطت نموذجا سويا وحلا سياسيا ناجعا لمأساة شعب ووطن ينتظر فرجا وانعتاقا من جلاديه، إن اليمن اليوم يمر بأخطر وأدق مرحلة من مراحل الانتقال السلمي من دولة عسكر وقبيلة وتجار حروب إلى دولة النظام والقانون، ونحن اليوم أمام حالة تحول سياسي يصح أن نصفه بالطوفان أو البركان المتدرج في العنف، ومن باب السلامة لا بد من رفض توظيف الدين الإسلامي في النشاط السياسي داخل شطري اليمن، وهذه خطوة أولى لتفادي استخدام العنف باسم الدين للفوز بالسلطة أو الانفراد بها لحزب دون آخرين أو قبيلة دون أخرى أو محافظة دون غيرها، كما أن خطر الجماعات الجهادية لن ينتهي بالدعاء لها أو عليها، وربما يكون وضع مشروع للإصلاح الشامل وإقرار مبدأ المشاركة الشعبية وتأمين حقوق المواطنة المتساوية للناس جميعا واحترام الإرادة الحرة للمواطن وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن هي البداية الأصح والأسلم لليمن الواحد أو المجزأ بدون جماعات إرهاب.
[/b] | |
|
عبد الحافظ المسوري
عدد المساهمات : 10 تاريخ التسجيل : 15/04/2012
| موضوع: رد: عبدالله الأصنج في حوار مع جريدة الشرق الأوسط:*الرئيس الجديد "هادي" كان نائبا للزينة بدون صلاحيات دستورية... ولم يعترض يوما على وضعه الهزلي الإثنين أبريل 30, 2012 1:46 pm | |
| | |
|